مستشفى لسان الدين بن الخطيب أو كوكار Cocard
شهدت فترة الحماية الفرنسية إنشاء مستشفيات عصرية بمدينة فاس، لمراقبة الحالة الصحية للمغاربة والأوروبيين المستوطنين. بالطبع لم يكن المغاربة على جهل بالطب قبل ذلك، بل على العكس كانت بنايات وأزقة بكل المدن تقريبا مختصة في العلاجات الطبيعية والتي أصبحت تعرف بالتقليدية، كما أن الطب كان مادة تدرس بالقرويين أواخر القرن التاسع عشر، إلا أن الطب الحديث لم يعرفه أهل المغرب سوى أيام فرنسا
يعتبر الطبيب Murat أول من وضع تقريرا صحيا عن أهل فاس، وهو من كان يسير أول مصحة عمومية بدرب زربطانة بالمدينة الإدريسية. اكتشف هذا التقرير أمراضا خطيرة كحمى التيفوئيد وحمى المستنقعات التي كانت تنتقل عبر التجمعات في الزوايا والأسواق الأسبوعية، لذلك عملت سلطات الحماية على الحد من الوفيات وانتشار الأوبئة.
مستشفى الدكتور مورا كان خاصا بالمسلمين واليهود المقيمين بفاس، لذلك أقيم مستشفى أخر بحي الدوح للجالية الأجنبية وهو مستشفى الطبيب Auvert .
الطبيبان المذكوران كانا أول من مهدا للطب المعاصر بالمغرب، إلا أن مستشفى أخر ظهر سنة 1913 بقيت ذكراه محفورة في ذاكرة أهل فاس وهو مستشفى Cocard المعروف حاليا بمستشفى ابن الخطيب.
تقول الرواية الاستعمارية الفرنسية أنه في أواخر سنة 1910 كان الطبيب Cristiani قد استقر بفاس وأسس مصحة متنقلة صغيرة بقصبة الشراردة، وهي مصحة مختلطة بين الفاسيين والجالية الأوروبية. هاته المصحة كانت تحت إشراف الممرض Claude Cocard وقد كان هو المسير الحقيقي لها. حيث قام بدور بطولي أيام فاس الدامية في أبريل 1912 عندما انتفض أهل فاس والقبائل المجاورة ضد الحماية فكان الممرض Cocard يطبب ويداوي كل من يلجأ إليه من مغاربة أو فرنسيين، إلى أن قرر مغادرة القصبة عندما تأزمت الأوضاع فتم قتله عندما خرج من المصحة وهو بداخل القصبة. عندما هدأت الأوضاع قررت سلطات الحماية أن تسمي المصحة التي كانت متنقلة أنذاك باسمه، باعتباره شهيد حرب عندهم ومذ ذلك اليوم ومصحة قصبة شراردة تعرف باسمه.
عند تعيينه مقيما عاما بالمغرب في ماي فإن ليوطي طلب من الدكتور Cristiani تأسيس مجموعة صحية متنقلة بهدف إنساني أولا وبهدف الحفاظ وترسيخ فرنسا في نفوس المغاربة. وبهدف تحفيز الطبيب فإن المقيم العام وعده بتأسيس مستشفى قار بالقصبة بدل المصحة المتنقلة التي يديرها وقد تم الشروع في البناء بالجزء الشمالي من القصبة في غشت 1912 وبدأ الطبيب Cristiani العمل فيه ابتداءا من الشهر المذكور لأنه في نوفمبر تم تعيينه مرافقا للسلطان في رحلته إلى مراكش لمدة 3 أشهر إلا أن الأقدار ستجعله يتغيب سنتين عن المستشفى ليعود سنة 1914 ويشتغل فيه من جديد بمساعدة الأخوات الراهبات ومرة أخرى يغادره الطبيب إلى روسيا سنة 1916 ليعود بعد سنتين مع انتهاء الحرب العالمية الأولى ويتفرغ لمستشفاه الذي طالما حلم به إلى سنة 1936 عندما يقرر الطبيب Cristiani بأن يجعل للمستشفى نفسا جديدا ويعطي إدارته للشباب الصاعد.
يورد Kamm في كتابه سنة 1948 بأن مستشفى Cocard من المستشفيات التي بقيت صامدة وحافظت على نفس نظامها منذ التأسيس، من حيث النظام الإداري أو النظام العام من مواقيت أكل وشرب وزيارة، بل حتى من حيث تطبيب المغاربة والجالية الأوروبية على حد سواء.
يورد Kamm في كتابه سنة 1948 بأن مستشفى Cocard من المستشفيات التي بقيت صامدة وحافظت على نفس نظامها منذ التأسيس، من حيث النظام الإداري أو النظام العام من مواقيت أكل وشرب وزيارة، بل حتى من حيث تطبيب المغاربة والجالية الأوروبية على حد سواء.
كان للمستشفى عميق الأثر في الذاكرة الفاسية التي تحتفظ بصور عن مدى عناية الأخوات الراهبات بالأطفال، وكذلك عن مدى نظافة الممرضين والأطباء، واعتناؤهم بنظافة المرضى خاصة خلال فترة الحربين التي تميزت بانتشار الأمراض. وهو ما حاربه المستشفى عن طريق غبار "كريزيل" وبيرطير مع مضخات القمل التي أجبر الجميع على المرور منها للحد من انتشار حمى التفويد.
يبقى المستشفى إلى اليوم باسم جديد أخذه بعد الاستقلال، وها هو قد جاوز المائة سنة ونيف، ولازال يمارس دوره في تطبيب سكان المدينة.
يبقى المستشفى إلى اليوم باسم جديد أخذه بعد الاستقلال، وها هو قد جاوز المائة سنة ونيف، ولازال يمارس دوره في تطبيب سكان المدينة.
بقلم: إلياس أقراب
المصدر: http://www.adafes.com/forum_adafes/read.php?4,1931