معركة وادي المخازن: موقعة عظمى يخلدها التاريخ
كلّ من درس مادة التاريخ فهو يقينا لازال يتذكر درسا بعنوان "الغزو الإيبيري ورد فعل المغاربة"، هذا الدرس الذي يتعرف فيه التلاميذ على معركة من معارك الأمة المغربية، موقعة مرّ عليها أكثر من أربعة قرون ولازالت فخرا من مفاخر الإمبراطورية الشريفة و حربا جعلت لها بين الدول صولة استمرت سنين عديدة.
ليست هاته المعركة سوى موقعة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة. ولكل من لا يتذكر درس التاريخ، فليتابع معنا هذا الحديث الذي يعود بنا إلى منتصف القرن السادس عشر.
فقلت عسى أن تبصريني كأنما بني حوالي، الأسود الحوارد1:
في مجلس سابق، أوردنا كيف أن قيام الدولة الزيدانية السعدية كان بالأساس من أجل كسر شوكة العدو البرتغالي وشحذ همم الأمة لطرد الغاشم الذي استقر بالثغور البحرية للمملكة المغربية السعيدة، فقد احتل الإيبيريون ثغر سبتة عام 1415م والقصر الصغير عام 1450 ثم امتدت المطامع لطنجة المحروسة وأصيلا المجاهدة عام 1471 ثم سقطت آسفي حاضرة المحيط عام 1481 تلاها ثغر أزمور خمس سنوات بعد ذلك وغيرهم من المدن الساحلية على طول البحر المتوسط ومحيط الظلمات.
وبنجاح محمد القائم بالله في قطع دابر التوسع البرتغالي والإسباني بسوس، فإنه انتقل لباقي أحواز المغرب وفتح له نجاحه باب الأمل ليستقر له الأمر ويصير له الملك بعد أن أنهى عقب بني وطاس وطرد من بقي منهم عن دار الحكم يومها: فاس.
استحكم الأمر لبني زيدان وتشكلت بدايات الدولة السعدية مع أحمد الأعرج ومحمد الشيخ الذي آل الأمر إليه وصارت الولاية له ولأبنائه وأحفاده.
وقد كان لمحمد الشيخ هذا أربعة أبناء:
مولاي عبد الله الغالب بالله: أعز الولد عند محمد الشيخ والذي ولاّه أمر فاس وجعله أميرها.
مولاي عبد الملك: ابن سحابة الرحمانية الذي كان أحد الملوك الثلاثة بالموقعة الشهيرة، وقد كان أميرا على سجلماسة في حياة والده.
مولاي أحمد: المسمى المنصور الذهبي بعد أن وُليّ الملك وصار سلطان المغرب، هو الآخر كان مع أخيه عبد الملك بسجلماسة.
مولاي عبد المومن: ولاه والده على مكناس وأحوازها.
مولاي محمد الحرّان: توفي في حياة أبيه وقد كان من مغوارا لم يقد حملة أو حركة إلا وفتح الله له فيها.
مولاي عبد القادر: توفي في حياة والده وله من الأبناء مولاي محمد الذي استوزره عمه عبد الله الغالب، وله ذكر أسفله.
أخلائي هذا المستقى وربوعه وهذي نواعير البلاد تنوح:2
بعد أن غدر الأتراك بمحمد الشيخ وفروا برأسه المقطوع إلى الباب العالي بإسطنبول، فإن الأمر صار لعبد الله الغالب وبايعه أهل فاس ونزل مراكش فبايعه أهلها ثم إلى رودانة حيث أخذ ثأر أبيه من بعض الإنكشارية الذين فتكوا به.
استقام له بعدها مُلك المغرب فمهد البلاد وأطلق الطرقات وبعث بابنه محمد المتوكل إلى فاس التي جعله أميرا عليها وأرسل ابن أخيه محمد بن عبد القادر إلى مكناسة الزيتون فلانت له قلوب أهل القبائل وسكان المدن لما كان له من الرأي الرجيح واللسان الفصيح.
سمع السلطان الغالب بالله ذلك خشي من قيام ابن أخيه عليه فأتاه من مراكش إلى مكناس ثم حمله معه إلى حاضرة فاس حيث المتوكل لاه عن العباد بأمور البناء.
ولمّا رأى عبد الله الغالب كيف أن القبائل تقبل حكم ابن أخيه وتخضع له بالقول دون ابنه الذي لا يسمعون له قولا ولا يقبلون له حكما، فإنه خشي تقلب المنازل عليه وأرسل لابن أخيه ليلا فتداولا ثم قام عنه ليدخل وصيفان ويخنقا الرجل الذي مات متوضئا مستقبلا القبلة.
بموت محمد بن عبد القادر، فإن مولاي عبد المومن فرّ إلى الجزائر العثمانية التي استقر بها أخواه مولاي أحمد وعبد الملك مع أمه سحابة الرحمانية قبل أن يهاجروا متفرقين وبديار إصطبنول استقر مولاي عبد الملك وأمه بالقصر السلطاني هناك أيام السلطان سليم بن سليمان القانوني.
ولازال عبد الملك يقنع سلطان العثمانيين بموالاته لأخذ ملك أخيه إلا أنه كان يرجعه عن ذلك حتى كان عام 981 للهجرة.
إن لم تغث بر الغرب فما أنت من المسلمين:3
عاث الإسبان بتونس المحروسة بعد ان استعان بهم الحسن الحفصي وابنه بعده فتداعى أمر بني حفص وتمكن الإسبان من إفريقية وبلغ حيفهم وظلمهم بها مبلغا عظيما جعل القوم في غم وضنك، سُبيت نساؤهم واستعبد أشرافهم، ضربت الجزية على المسلمين ومُنعوا عن الأسواق حتى يكتفي النصارى من الغاشمين.
تكدر المشرب وتفرق المجمع فنُبشت القبور وأنقيت نفائس العلوم بالطرقات فأقام الخلائق بدار مهانة ومذلة إلى أن اتصل ذلك كله بالسلطان سليم الذي أعظم الأمر وجهز للعمارة فخرجت من مياه إسطنبول يرأسها الوزير سنان باشا ومعه مولاي عبد الملك، وفي روايات أخرى كان برفقة أخيه مولاي أحمد، وجعلت لهما رئاسة سفينة حربية من سفن أسطول الجزائر.
تحقق الانتصار للعثمانيين فانتهى عقب بني حفص وكُسرت شوكة القشتاليين فتجهزت المواكب السلطانية لإبلاغ السلطان المنتظر بالقسطنطينية الخبر إلا أن عبد الملك سبقهم بكتاب دفعه أصحابه لأمه سحابة الرحمانية التي دخلت على السلطان سليم وبشرته بالأمر فقال لها "لك ما تريدين" عندئذ طلبت زوجة محمد الشيخ أن يوالي السلطان ابنها ويبعث معه بجيش ليأخذ ملك المغرب فوافق على ذلك.
هذا ما جاء به صاحب الدولة السعدية التكمدارتية، أما الناصري فأورد أن مولاي عبد الملك وأخيه هما من اتجها لإسطنبول وسبقا الموكب السلطاني، بسبب اضطراب الأجواء، فبشرا السلطان العثماني وتشفعا لوالدهما حتى يُزيل رأسه المعلق بالمدينة وكذلك طلبا منه المدد ليبعث معهما بعساكره إلى الغرب، فأنزلهما منزلا حسنا ولما تأكد من صدق بشارتهما أمر لهما بما طلبا.
وإن اختلفت الروايتان، فإن الثابت أن السلطان سليم بعث بفرمان لدولاتي، وهو الوالي، الجزائر فقرأه على أهل الديوان وقال لمولاي عبد الملك: "علينا الرجال وعليكم بالمال."
وتسلف مولاي عبد الملك من الباشا والخازندار بالجزائر وقوّم المحلة، المكونة من أربعة آلاف جندي تركي وشرذمة من العرب، التي يممت إلى الغرب الذي صار الآن بين يدي محمد المتوكل بن عبد الله الغالب بالله الهالك شهورا قليلة قبل نزال ابنه وأخيه بموضع يقال له الركن بأحواز فاس.
وقد لان جيش المتوكل لعبد الملك ووالوه فانقلب الأمر و فشلت ريح ابن عبد الله الغالب وأيقن بالهلاك فمسه الجزع وفرّ من المعركة، منهزما، منهوبة خزائنه، محروقة خيامه.
أوقفت على الرأي؟ أول الفكرة آخر العمل!:4
دخل عبد الملك، المعروف عند العامة بمولاي ملوك دار الحكم فاسا من باب الفتوح عام 983 للهجرة الموافق لعام 1576 واستقر بها أياما بايعه القوم فيه ودفع للترك أجرتهم ثم ودعهم بنهر سبو قبل أن يتجه إلى مراكش التي فرّ إليها ابن أخيه.
وبخندق الريحان على مقربة من وادي الشراط بأحواز عدوة أبي رقراق، التقى الفريقان من جديد وكانت الغلبة لعبد الملك مرة أخرى ففرّ المتوكل شريدا، منهزما إلى مراكش قبل أن يغادرها إلى جبال سوس حين علم بقدوم مولاي أحمد، عمه وخليفة مولاي عبد الملك، ليأخذ بيعة أهل مراكش وأهل سوس بعدهم.
بعد عام 984 للهجرة، استتب الأمر لمولاي عبد الملك واستقر بدار الحكم مراكش وجعل أخاه مولاي أحمد خليفة له على فاس إلا أن المتوكل جمع عليه بعضا من صعاليك الأحياء والقبائل فجاء مراكش ودخلها باتفاق مع بعض أهلها حين خرج مولاي عبد الملك لملاقاته ونزاله.
وهزيمة نكراء تبعتها هزائم أخرى كلها من نصيب المتوكل المهزوم المقهور الذي غلبه عمه المنصور بكل نزالاتهم وطرده من جبال سوس ففرّ إلى جبل درن ومنه إلى باديس ثم سبتة المحتلة ومنها إلى طنجة الأسيرة طالبا المدد والعون من ملك البرطقيز وقتها: الملك سيباستيان.
فإن جلبتهم فالله لك ولهم بالمرصاد، ارجع إلى الله أيها المسكين:5
ولما قطع محمد المتوكل إلى بلاد النصارى فإنه تطارح على ملكها وشكا له ما مسه من أعمامه ونزعهم لملكه، ووسوس له بأن عبد الملك وأحمد زارا بلاد الترك وعلى اطلاع بتفاصيل ركوب البحر ويعلمان صنعة السفن ولهما خبرة بحروب المراسي فلازال على ذلك إلى أن اجتمع رأي البلاط البرتغالي على نصرة المتوكل شريطة التنازل على كل الثغور البحرية فوافق التعس.
جاء الخبر أن محمدا المتوكل قادم ومعه جيش البرتغال العرمرم على رأسه طاغيتهم الملك سيباستيان الشاب المتحمس لإعلاء راية النصرانية بديار الإسلام.
بلغ كتاب محمد المتوكل إلى عمه عبد الملك وهو بوسط تامسنا فعمّ الهرج والمرج الخلق وامتلأت صدروهم ضيقا وقلوبهم كربا من بلاء جلبه عليهم واحد منهم ومن حكامهم استنجد بالغاشم ووالى النصارى على بني جلدته ولم يجد ما يبرر فعلته الشنيعة تلك سوى رسالة بعث بها لأعيان المغرب وأعيانه يلومهم فيه بنكث بيعته وعدم موالاته، فأجابه الشرفاء والأعيان برسالة أفحمته وأبطلت حججه الواهية وادعاءاته الباطلة مما لم يجعل له عذر ولا خلصه من مسؤولية فزاد كره الأمة له ولم يعد له بين ذويه نصير.
ضجت المساجد بالتهليل والتكبير وختم أهل الله من أصحاب المائة ختمة وصحيح البخاري على الألوية المولوية بجامع المنصور وتم العزم على مجابهة العدو ولقائه.
إني رحلت إليك ست عشرة مرحلة أم ترحل إلي واحدة؟6
حاول بعض من أهل البلاط البرتغالي إثناء الملك الشاب عن عزمه ورفض خاله فيليب ملك الإسبان مساعدته بل وحذره من خوض غمار هذه الغزوة المجهولة العواقب إلا أن سيباستيان الحالم وافق أهواءه وسار مع عبد الملك بجيش جرار يتكون من حوالي الثمانين ألف مقاتل على أقل تقدير، منهم عشرون ألفا ممن أمدهم ملك الإسبان لابن أخته وبضعة ألف من الألمان والطاليان وآخرون من جند صاحب الفاتيكان ومتطوعون من قدماء محاربين بكل البلاد إضافة لقوات البرتغال التي هي العمدة.
خرج سيباستيان بسفنه وعدته وعتاده من لشبونة عارجا على قادس ومنها إلى طنجة ثم أصيلا وهو برفقة محمد المتوكل وثلاثمئة من مناصريه الذين ظنوا أن جيش عمه سيواليه حين يروا عظمة الجيش الذي آتى به صاحبهم.
ولما بلغوا بلاد الإسلام فإن بعض الجيش بقي بأصيلة الأسيرة وتحرك الملك البرتغالي والذي استنجد به إلى أحواز الفحص حيث ضربوا الخيام وجاروا على القبائل بالغارات حتى فرّ القوم إلى الجبال وخشوا على أنفسهم من الويلات منتظرين نجدة السلطان مولاي عبد الملك لهم.
" إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك وجوازك العدوة فإن ثبت إلى أن نقدم عليك فأنت نصراني شجاع وإلا فأنت كلب بن كلب."
وهذا ما كتبه مولاي عبد الملك لسيباستيان وقد أججّ غضبه وزاد في رغبته من تملك البلاد وإذلال أهلها فبقي بمكانه ولم يزد رغم محاولة ديوانه ومحمد المتوكل بإقناعه أن يتقدم ويملك القصر وتطوان وغيرهما.
كتب السلطان عبد الملك لأخيه بفاس ولباقي الولاة والعمال بأن يعدوا العدة والعتاد ويؤمنوا المؤونة والزاد فخرج السلطان من دار الملك مراكش الفيحاء وبلغ القصر الكبير فبعث بكتاب للعدو ما مؤداه أني قطعت ست عشرة مرحلة إلى القصر أما تقترب أنت بمرحلة واحدة ونلتقي؟
وكانت غزوة عظيمة حضرها جم غفير من أهل الله تعالى حتى أنها أشبه شيء بغزوة بدر:7
قام الملك سيباستيان من معسكره بتاهدرات وخرج لملاقاة جيش مولاي عبد الملك بوادي المخازن يوم الاثنين الرابع من غشت سنة 1578 الموافق للثلاثين من جمادى الآخرة عام 986 للهجرة وقد دامت الموقعة خمس ساعات إلى ما قبل العصر.
ما إن عبر الملك وجنده الوادي حتى أرسل عبد الملك بكتيبة هدمت القنطرة وهي مشرع الوادي الوحيد ثم زحف عليهم بعدها جيش مولاي أحمد ومن معه وهبت المتطوعة من الخلائق مع الجيش تحاصر العدو وأقبل الناس وحدانا وزرافات يرغبون في الشهادة وابتدر المحاربون مشاة وراكبين.
التقت الفئتان وحمي الوطيس فزحفت الناس بعضهم على بعض وعلا غبار الأرض مختلطا بدخان المدافع فاسود الجو وقامت الحرب على ساق يكاد القوم لا يرون إلا عدوهم ولم يلبث المسلمون أن ظفروا بكتف العدو وركبوا عليهم
وعند أول نزال، فإن الإرادة الإلاهية شاءت أن يقضي الغازي أبي مروان عبد الملك نحبه وهو بالمحفة دون أن ينتبه أحد لذلك سوى حاجبه مولاي رضوان العلج وأخوه مولاي أحمد اللذان كتما الأمر وجعلا يخطبان الجند والجيش كأنما السلطان يخاطبهم فيقول العلج: "السلطان يأمر فلان أن يذهب إلى موضع كذا، السلطان يأمركم بالتقدم إليهم." وتقدم مولاي أحمد يحث القوم على الجهاد ومعانقة القواضب واحتساء كؤوس الحمام إلى أن هبت على المسلمين رياح النصر واستجابت السماء لدعاء الصالحين وعززت الجند بقوة من عند المكين فهلك الملك سيباستيان على يد مجاهد غيور أصابه بضربة مميتة وغرق المتوكل في وادي المخازن فكان ذلك نهاية الغاشم وولى البرتغال الأدبار لكن ما وجدوا إلى ذلك من سبيل سوى الغرق في مياه الوادي الحمراء التي خضبت أرض الشهداء.
وهلك القوم من الصفين لكن الغلبة كانت للمسلمين ولم يبقى سوى شرذمة من النصارى الذين أًسروا وسُلخ جلد المتوكل ،بعد أن أخرجه الجند، وحُشي تبنا ليطاف به في مراكش وغيرها من الأمصار فمُحي عنه اسم المتوكل وصار من يومها يُعرف بالمسلوخ.
وحُمل جثمان مولاي عبد الملك البطل إلى مرتفع القلة حيث قبور بني مرين بفاس وهناك واراه أخوه أحمد المنصور الثرى.
أما الملك سيباستيان فقد دٌفن بالقصر الكبير وبعثت سفارة لمولاي أحمد تفتدي ملكها فأعطاه لهم دون فدية.
ذاك واسطة عقدهم ووجه صفقتهم: 8
بعد موت ملك المغرب مولاي ملوك فإن أهل الحل والعقد بايعوا مولاي أحمد المنصور بن الشريفة الصالحة لالة مسعودة الوزكيتية، بساحة الحرب ولما قفل الغزوة ودخل فاسا بايعه من لم يحضر الموقعة وعانت له حواضر المغرب وباديتها فبعث إلى ملوك الإسلام، وعلى رأسهم السلطان العثماني مراد بن سليم، يخبرهم بما انعم الله عليه وعلى بلاد المغرب من كسر لشوكة النصارى الغاشمين فتوالت التهاني عليه وتقرب البرتغال والقشتاليون بالأموال والهدايا ليفتدوا أسراهم وفي عهده استتب الملك للسعديين وعلت رايتهم بأقطار المغرب والسودان فعم الرخاء وشمل الهناء كل القوم حتى كثر الذهب في عهده وزمنه وجعل له قصرا هو جوهرة خالدة في المعمار وبديع على مرّ الأزمان.
بقلم الباحث: إلياس أقراب
الهوامش:
- وهو من شعر الفرزدق ومما أنشد الشيخ أبو عبد الله اليستيني لما دخل مرة على محمد الشيخ وهو وسط أبنائه الصناديد.
- وهذا شعر مرتجل للوزير محمد بن عبد القادر السعدي وقد أنشده لما بلغ فاسا من مراكش وهو مشتاق إليها.
- جاء بتاريخ الدولة السعدية أن السلطان العثماني رأى في منامه رجلان يقولان له إن لم تغث بر الغرب فما أنت من المسلمين وتكررت الرؤيا مرتين في ليلة واحدة ولما سألهما من يكونا قالا: هذا ابن عروس وهذا الكلاعي فعليك بجهاد حلق الوادي.
ولما أصبح السلطان وتيقن من احتلال الإسبان لتونس فإنه أعد العدة لمحاربتهم كما تقدم. - جاء في الاستقصا أنه لم استقر مولاي عبد الملك بمراكش فإنه ولى أخاه مولا أحمد على فاس إلا أن الوزير أبو فارس عبد العزيز بن سعيد الوزكيتي لم يحبذ ذلك وقال لهما: "لا ينبغي لكما أن تقعدا حتى يحكم الله بينكما وبين ابن أخيكما." فغاظ ذلك مولاي أحمد لكنه كتم في نفسه وسار إلى فاس وقد قال له الوزير، حسب تاريخ الدولة السعدية، أنه عائد إلى مراكش وقد كان ذلك صحيحا إذ أن مولاي أحمد هبّ لإغاثة أخيه لما دخل محمد المتوكل لمراكش بالحيلة ونصره أهلها على عبد الملك فقال الوزير لأحمد المنصور المقولة أعلاه.
- والمقولة من الرسالة الطويلة التي بعث بها أعيان المغرب وعلماؤها للرد على محمد المتوكل الذي برر لنفسه الاستعانة بالنصارى ولام عليهم نقضهم لبيعته ففصلوا وشرحوا له بالكتاب والسنة ما كان قد تغافل عنه وبذلك لم يجعلوا له مبررا لتحالفه مع البرتغال.
- وهي كتاب السلطان عبد الملك لسيباستيان يدعوه للانتقال إلى وادي المخازن وقد انطلت الحيلة على الملك الشاب الذي جاء وابتعد عن معسكره البحري.
- وهكذا وصف أحمد بن القاضي معركة وادي المخازن في مخطوطه المنتقى المقصور على مآثر الخليفة المنصور
- عن الناصري أنه اجتمع أبو عبد الله محمد الجزولي الدرعي ببعض أهل المكاشفة بمصر فسأله عن السلطان أبي عبد الله الشيخ وأبنائه فلما ذكر كبارهم قال له الرجل بقي منهم من لم تذكره فقال الدرعي: "أحمد" فقال: "ذاك واسطة عقدهم ووجه صفقتهم."
المصادر:
مؤلف مجهول تحقيق: عبد الرحيم بنحادة، تاريخ الدولة السعدية التكمدراتية، ص: 53-65
أحمد بن خالد الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، الجزء الخامس، ص: 40-90
محمد الصغير الإفراني، نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي، ص:117-144
عبد الهادي التازي، الوسيط في التاريخ الدولي للمغرب، الجزء الثالث، ص: 42-49
عبد الله كنون، عبد الملك المعتصم بطل معركة وادي المخازن، مجلة المناهل، العدد 13، ص: 7-20
أحمد بن القاضي، المنتقى المقصور على مآثر مولانا المنصور.