فنادق فاس العتيقة: أنواعها واستخداماتها

فنادق فاس العتيقة: أنواعها واستخداماتها
فاس الحاضرة العريقة التي مازالت تأسر زائريها في كل مرة يغوصون في دروبها ويبحرون في أسواقها اللامتناهية، لم تفتأ تأسر وتسبي الباحثين الذين يجدون فيها المادة الخصبة لدراسة نموذج المدينة الإسلامية المتكاملة. ومن بين ما اهتم به الباحثون، مستشرقون وعرب، هي الفنادق الفاسية. ليست الفنادق بمعناها العصري الذي يعتمد تنقيطه على النجوم، بل الفنادق القديمة المعمولة للبشر والدواب وحتى للعيش الدائم بالنسبة لأشخاص محددين، وهي تقابل الخانات المصرية والنزلات الأوروبية إلا أن الحاضرة الإدريسية تنفرد بتفسيرين لمصطلح الفندق كما سنرى.
على مر العصور شهدت الحاضرة الإدريسية تشييد ما يقارب مئة وخمسة عشر فندقا. ويطلق لقب فندق بفاس -كما أسلفنا الذكر- على نوعين من الأبنية تشترك في التصميم وتختلف في الاستعمال. النوع الأول يستعمل لإيواء البشر العابرين والدواب، وهو ما يشبه الخان المشرقي. يكون في ملك الأحباس أو الخواص يكتريه وكيل مقابل مبلغ شهري. هاته الفنادق كانت مجمعة حول أبواب المدينة التي يعبرها المارة بشكل أكبر، كباب الجيسة وباب الفتوح وباب بوجلود، دون إغفال بعض الفنادق-الخانات بوسط المدينة كفندق الشماعين.
أبواب الفنادق كبيرة تسمح بدخول الدواب والعربات أحيانا نحو فناء واسع محاط برواق محمول على أعمدة من الآجر، حيث تقيم البهائم. تطل على هذا الرواق بعض الغرف المظلمة لتخزين السلع عند وصولها وذهابها، بينما تطل غرف أخرى أفضل إضاءة على رواق الطابق إلا أنها خالية التأثيت. ولا يوجد غالبا سوى طابق واحد يشغله العابرون ومومسات أحيانا كبعض فنادق باب الفتوح. فهاته الفنادق كانت تعرف بالتسيب والاختلاط مع عدم الرفاهية مما جعلها تكون خاصة بالعمال الموسميين أو مساكين باحثين عن عمل، فمعظم المغاربة عندما كانوا يزورون فاس يقيمون عند أصدقاء عائلة أو بحرم زاوية هم مريدوها.
النوع الثاني من الفنادق هو الأكثر عددا واستعمالا بفاس، فهو النوع المخصص للتجارة والصناعة، وهي تشترك مع سابقتها في التصميم في الفناء الذي يكون أقل اتساعا بما أنه لا يضم مكانا للدواب. هاته الفنادق مخصصة للبيع بالمزاد العلني في فنائها أما غرفها السفلية أو العلوية، وهي بالمناسبة قد تضم طابقين فهي إما مكرية من طرف الصناع كالإسكافيين أو من تجار نص الجملة والجملة ليحفظوا فيها السلعة قبل بيعها بالمدينة أو تصديرها.
قلما يتعايش التجار والصناع في فندق واحد، فلكل منهما فنادق خاصة يشغلون غرفها كفنادق النجارين، التطوانيين والقطانين الخاصة بالتجار فقط، بينما فندقي السبيطريين والمشاطين لا يضم سوى الصناع. نظرا لتخصص الفنادق فهي لا تتواجد سوى بالأحياء التي تكون فيها الحياة الاقتصادية نشيطة كوسط المدينة بجوار مولاي إدريس والقيسارية حيث تتكاثف الفنادق خاصة في حي الصاغة، ويتواجد بعض منها بباب بوجلود، وباب الفتوح، وباب الجيسة، بينما تغيب الفنادق عن باقي الأبواب مما يبرز ضالة قيمتها الاقتصادية.
الفنادق هي ملك للأحباس على العموم ولا تكترى جملة كالفنادق-الخانات بل تكرى قطعة قطعة لمحتلين مختلفين. نورد في هذا المقال أسماء بعض الفنادق منها الذي زال ومنها الذي أضحى مأثرة تاريخية تحكي تاريخا اقتصاديا للمدينة على أمل التحدث عن كل واحد على حدة:
فندق الشماعين: بحي الشماعين قرب الحرم الإدريسي اشتهر بصنع شموع لمولاي إدريس فائقة الجمال إضافة لبيع الفواكه والخضر الجافة.
فندق النجارين: بناه الأمين عديل بساحة النجارين واشتهر بأنه مكان دفع إتاوة تسمى عشر فندق النجارين عن كل البضائع الخارجة من فاس.
فندق الملح: بحي الرصيف.
فندق التطوانيين: درب الطويل تجاه الجدار الشرقي للقرويين فندق الحبابي: قرب باب الجيسة كان معروفا بضمه للدواب التي يحتاجها المخزن.
فندق بوخريص: قرب باب الجيسة.
فندق الجمالة: مكان سينما بوجلود.
فندق الجيف: بحي العشابين.
فندق درب اللمطي: بحي اللمطيين، اشتهر بضمه لأهل تافيلالت.
فندق راس الشراطين: بالشراطين، اشتهر باعتباره ملحقة لدار عديل أين تسك النقود.
فندق رحبة الزبيب: اشتهر ببيعه الفواكه الطرية كالعنب والرمان إضافة لبيع جلود الأبقار بالمزاد العلني.
فندق رحبة القيس: برحبة القيس وسط المدينة وعرف كمحكمة تجارية تسمى "عرف التجار". تجدر الإشارة أن هذا الفندق تحول إلى بنك إنجليزي اشتراه -بعد إغلاقه- أحد أعيان مدينة فاس.
فندق السبيطريين: المعروف بسوق الجلد.
فندق العطارين: بحي العطارين، واشتهر بكونه محكمة تجارية أيضا.
فندق الغاسول: أعلى مرتفع الصفاح بحي الكدان
فندق الفخار: مجاور لسوق الصفارين عرفا ببيع الفحم الخشبي.
فندق المصلوحي: عرف بفندق البغالين قرب باب الجيسة.
فندق القطانين
فندق المشاطين
فندق الملجوم
فندق الصاغة
فندق بركة
فندق عشيش
فندق الصطاويين
الباحث: إلياس أقراب

المصادر:

روجي لوتورني: تعريب محمد حجي ومحمد لخضر: فاس قبل الحماية: الجزء الأول الكتابين الرابع والخامس: 309-629.                                                                                                                                 

D’après les statistiques de l’ADER (Agence pour le développement et pour la réhabilitation de la médina de Fès)