تاريخ مهنة دباغة الجلود بفاس
إن بحثنا في أي معجم فرنسي عن كلمة "Maroquinerie" فسنجدها في معجم "Larousse" بتعاريف مختلفة، فهو يقدمها على أنها صناعة مشغولات جلدية، وكذلك نفس الكلمة تطلق على معمل حرفي لصناعة الجلد، كما أنها تسمية للمحل الذي يبيع كل ما له علاقة بمشغولات الجلد. والكلمة، كما هو ظاهر، تجد أصلها في كلمة "Marroquin" المأخوذة من كلمة "Maroc" أي المغرب.
ومصطلح “Maroquinerie” لم يعرف إلا بعد الثورة الصناعية، حين تم تطوير صناعات الجلد وأطلق اللفظ على المحفظة الجلدية حاملة الأوراق.
أما عن سبب ربط المشغولات الجلدية بكلمة المغرب، فلا هو من قبيل الصدفة أو الاتفاق، فهذا البلد كان معروفا بمشغولات الجلد، خاصة زمن الموحدين الذين نقلوا الصناعة للأندلس ومنها نُقلت لباقي الجوار.
ومشغولات الجلد المغربي تسابق عليها التجار والنبلاء في زمن كانت دباغة الجلد تكاد تكون من أصعب وأشق الصناعات الموجودة.
ولعّل الصورة التي تبادرت لذهنك أي(ت)ها القارئ(ة)، حين قرأت دباغة الجلد فهي صورة لإحدى دور الدباغ بحواضر المغرب ولربما الأشهر هي صورة دار الدباغ شوارة بمدينة فاس، حيث تختلط رائحة حقائب الجلد والأحذية المعمولة يدويا، وتتيه العين بين ألوان أحواض التلوين، وتسهى المسامع وتنساق وراء أصوات الصناع وهم يدوسون الجلد في الأحواض المائية.
صناعة حاضرة منذ زمن التأسيس الأول:
من المعلوم أن حرفة الدباغ ظهرت في عهد مبكر بالمدينة لما بها من وفرة مياه تستلزمها عملية الدباغ وكذلك لما يحيط بالمنطقة من مراع بها أجود الأغنام و آكام بها وحيش يصلح جلده للدباغة.
لعل هذا ما جعل التاريخ الشفوي يعيد تاريخ تأسيس مهنة الدباغة لزمن تأسيس المدينة الأول، فبدار الدباغ كرنيز كان هنالك حوض يقول الدباغون أنه الحوض الذي كانت ترد منه بغلة مولاي إدريس.
وإن لم يكن ما يثبت هذه الحقيقة تاريخيا، فالثابت أن الدباغة حرفة ظهرت بفاس منذ القديم ومما يدل على ذلك ما أورده الاستقصا للناصري بأن اللبود، وهي حسب السياق هنا جلود مدبوغة، كانت من بين ما طلبه ميسور الخصي العبيدي لما حاصر فاسا عام 323 للهجرة ما يوافق 935 للميلاد وهذا لخير دليل على أن صناعة الجلود كانت ذات شأن ساعتها بالحاضرة.
ولم يكن الناصري وحده من أشار لذلك، فالجرنائي في زهرة آسه يخبرنا أن أيام المنصور الموحدي وابنه كان هناك حوالي 86 دار للدباغة بلغت المائة أيام المرينيين حسب الشريف عبد الحي الكتاني.
وغياب التنقيبات بفاس المدينة، أيام الحماية وبعد الاستقلال، هي ما جعل من يأخذ بأقوال المؤرخين وبين من يشكك فيها إلا أنه يحدث أحيانا عند ترميم أو هدم بعض المنشآت والدور الكائنة بجانب الواد أو أي نقطة مياه يبين وجود دور دباغة كانت متواجدة في زمن ما كما حدث ثلاثينيات القرن الماضي حين كان العمال يرممون دار مولاي عبد الله الفضيلي العلوي بالدوح فوجدوا أطلال أحواض مما لا يدع شكا أنها صهاريج استعملت في دباغة الجلود. والدار، محل الترميم، كانت بالأصل تسمى دار الطريفي، والطريفي هذا وزير أيام المرابطين.
الأمر الذي جعل بعض الباحثين يقولون أن معمل الدباغة ذلك كان قائما أيام المرابطين أو ربما قبلهم.
وعلى كل الأحوال وإن كان تاريخ بداياتها يبقى مجرد تقديرات، فإن دباغة الجلود شكلت جزءا مهما من روح فاس وأعلت خلقا عديدا ممن تتمحور صناعتهم حول الجلد كالطرافين والخرازين، صانعي الأحذية، وصانعي الأحزمة الجلدية و كذا بعض من معدات الجنود والمخازنية كالسياط وغيرها.
ومن جديد، تحتفظ الذاكرة الشفوية بفاس لعائلات دباغين كان منهم أرباب حرفة أجلاء اشتهروا بالصناعة الرفيعة، منهم داريّ اولاد بن عطية و أولاد السلاوي في فرعهم الكائن بزقاق الرواح وغير العائلتين الكثير من العائلات التي امتلكت دور دباغة خاصة أو اشتغل أبناؤها كمعلمين للصناعة التي أغنت العديد وصار من الأمثال الرائجة بين نساء فاس: "ما خديتي دباغ ولا خراز." دلالة على ما كانت تأتي به الصناعتان من مال وثراء سببه تصدير الجلود لبغداد والأندلس وغيرهما من أصقاع لعالم القديم.
دار الدباغ؛ دار الذهب:
إن كان اليوم لفظ دار يُحيل تلقائيا على منزل السكن فالأمر لم يكن كذلك قبل سنين معدودة إذ أنه كان يشير أحيانا إلى معمل أو مُجمع به حرفة علمية أو عملية موحدة فدار القاضي هي محكمة اليوم ودار المعلمة هي ما يقابل الاتحاد النسوي اليوم ودار الباشا لعلها البلدية ودار السلعة هي ما يقابل محل الجملة إلى غيرهم من الفضاءات الباقية لليوم كدار القرآن و دار السكة بسلا المحروسة وكذلك دار الدباغ الموجود منها بمراكش العامرة وفاس حاضرة الأقصى.
بفاس، أقدم المدابغ بالمغرب وشمال إفريقيا وإن كان عددها كبيرا في زمن ماض فهي اليوم ثلاثة:
- دار الدباغ كرنيز أو سيدي موسى: فهي تارة تُنسب للحي الذي يضمها "حومة كرنيز" وتارة للولي الصالح "سيدي موسى بن علي السوسي، الذي دفن في المسجد المجاور لهذه المدبغة.
هي أقدم مدبغة قائمة وبها، كما جاء سابقا، حوض كانت ترد منه بغلة مولاي إدريس.
ونجد أن صاحب روض القرطاس أورد لها ذكرا في معرض حديثه عن إصلاحات جامع القرويين، التي كان من جملتها السقاية ودار الوضوء اللتان بناهما عبد الله بن سداب على مقربة من باب الحفاة عام 537 للهجرة وكيف أنه كان قد تقرر جلب الماء إليهما من عيون الدباغين، والحديث عن دار الدباغ كرنيز، لولا أن فقيها لم يستحسن ذلك لما في العيون من عوالق وأوساخ الدباغين.
وإضافة لوجود حوض بغلة مولاي إدريس فمن آثار المدبغة هاته محل يُشار أنه كان مكان اشتغال أو "خزانة"، كما يطلق عليها عند الدباغين، يعود لسيدي يعقوب الدباغ الذي عاش أيام بني وطاس، دفين باب الجيسة وولي الدباغين ، فهو حامي أهل الدباغة وإليه نذورهم وذبائحهم.
-دار الدباغ شوارة: أكبر المدابغ بفاس وأشهرها، ودار الدباغ التي انتشرت صورها ببطاقات البريد وصارت رمزا، بحفرها الملونة لحرفة الدباغة بالمغرب عموما وفاس خاصة.
تقع بحومة البليدة وهي الأخرى مدبغة عتيقة وبها مسجد يسمى "جامع البغلة" إشارة لركوبة المولى إدريس، وكذلك فإنه كان لمعلميها ما كان لهم من أحاديث شفوية عن حضور سيدي يعقوب الدباغ وآثاره بخزانات وصهاريج المكان. وابن أبي زرع في روضه يرجح أنها من منشآت القرن الرابع عشر للميلاد.
- دار الدباغ عين ازليطن: وهي من منشآت القرن الثامن عشر أنشئت من طرف الشرفاء الوزانيين على مقربة من دار الضمانة.
ولأن الدباغة مهنة تقوم على الماء فإن كلاّ من المدابغ أعلاه كانت لها موارد مائية مستقلة، فلتلك القائمة بسيدي موسى عين منبعثة من المدبغة وهي عين الدباغين و لمنشأة الشرفاء الوزانيين عين تنبع تحت المدبغة وهي عين الشرشور وأخرى على مقربة هي عين ازليطن، وبالنسبة لشوارة فإن لها نظاما يأتيها بالماء من عين تسمى جديدة والماء الذي يخرج من المدبغة يصب في واد بوخرارب.
"كل ما كلاتو المعزة فقرون الجبال، تخلصوا فدار الدباغ:"
وأما الجلد، حجر رحى دار الدباغة والقطب الذي عليه تدور كل الأشغال فكان يباع حسب النوع بأربع فنادق بالمدينة وفي ساعات محددة لكل صنف يقوم فيها الدلالون بعرض القطع إما واحدة بواحدة في حالة الشح والندرة وإما "طريحة" أي دزينة مما كان يؤتى بها من مناطق مختلفة:
- جلد الماعز: كان تأتي جلود الماعز من كل الجهات المحيطة بفاس إلا أن منطقة تازة وأحوازها كانت معروفة بجودة جلد ماعزها قبل أن تأخذ منطقة زمور الريادة وتصير هي المصدر الأول تقريبا أيام الحماية.
وهذا النوع من الجلد كان يباع بفْندق السبيطريين، المسمى أيضا فْندق الجلد، على مقربة من جامع القرويين وهو من أقدم الفنادق بفاس البالي، ولعله أخذ اسم فندق الجلد لأنه كان الفندق الوحيد الذي كان يبيع، إلى جانب جلود الماعز الخام، جميع الجلود التي تمت دباغتها ومهيأة للصناعة.
-جلد الثيران: كانت تأتي عامة من كل الجهات إلا أن أحواز فاس هي التي كان لها العدد الكبير وكذلك فإن المجازر العسكرية تورد للدباغين جلود الأضحيات المعدة لإطعام المخزنيين وأولاد السلاوي هم من كانوا يتكلفون بشرائها.
ولكل باحث عن هذه الجلود فبفْندق رحبة الزبيب بالرصيف كان يجد ضالته.
-جلد الأكباش: من مناطق الأطلس كآزرو وزايان وكذلك من الريف و من مكناسة الزيتون وتازة وأحواز وجدة يأتي البائعون بجلود الخرفان لتباع بفندق الصفارين، بالحومة التي تحمل نفس الاسم.
ولم يخصص هذا الفندق لبيع جلود الأكباش إلا منذ 1912، وقبل كان ذلك يتم بفندق السبيطريين كما كان بعض الجزارين يبيعون إهاب الخرفان بسوق الغزل على مقربة من العشابين.
وإن كانت الجلود، مملحة أم طرية، مدبوغة أم لا تُباع بالفنادق السالفة الذكر فإن فندق الجياف الكائن بين النجارين وباب الكيسة، قد تفرد ببيع جلود الخرفان المغسولة والملبطة، أي أزيلت عنها صوفها، على يد اللباطين الذين يشترونها من فندق الصفارين.
وهذا الفنق، أي فندق الجياف، لم يخصص لللباطين إلا بثلاثينيات القرن الماضي ففيما مضى كان غاسلوا الجلود هؤلاء يجتمعون بمكان على مقربة من الفندق المذكور وسوق العشابين، يسمى رحيبة الجلد.
"مهراز دار الدباغ دق نتا ندق أنا:"
إلى جانب الجلد، باعتباره المادة الخام الأساسية، فعمال دار الدباغ يحتاجون:
- الملح القادم من ثغات والمباع بالجوطية بين الديوان والعطارين.
- النخالة التي يطلبها الدباغون بالمطاحن.
- الجير الذي يأتي به بعض الحمالين المعوزين من أفران الجير على مقربة من سوق الخميس (بمكان محاذ لمستشفى كوكار الحالي).
- الزبل: وهو فضلات الحمام التي كانت تجمع من نقوب الصخر ومداخل الكهوف بضواحي زرهون والبهاليل وغيرهما وكذا ما يُجمع من قباب مدارس فاس وبدار السلطان أو ما يبيعه مربو الحمام للدلالين بفندق السبيطريين.
-قشور الرمان: فهي نوعان "المغصوبة"، أي المقطوفة قبل أوانها، و"الطايبة" أي التي استوت وآن وقت قطافها. والمثل أعلاه إنما يخبرنا عن المهراز الذي يتناوب عليه الحرفيون لدق القشور قبل غربلتها.
-تكاوت (العفص) والدباغ (مسحوق قشور شجرة الفرنان): كان يؤتى بهم من مختلف مناطق المغرب فنجد الدباغ الوارايني واليازغي والمراكشي، وتكاوت المدغرية والفلالية والرتيبية.
"الزيواني والوردي والسكري:"
هي لوحة يراها الزائر لدار الدباغ بمساحتها المفتوحة على قبة السماء تختلط الألوان في حفرها كمحبرة رسام تاهت ريشته فرشّت ألوانا هنا وهناك حيث الصهريج والمركل والقصرية والمجير.
أحواض للغسل وأخرى للترقيد وغيرها للدبغ والتنظيف، هي خلايا فيها الدائري والمستطيل والمربع كل يملأ غرضا ويقضي حاجة للحرفيين اطلاع بها، فالجلود تدخل لا هي مملحة ولا هي يابسة لتختفي وسط المياه والأصباغ وتلين بالحك والغسل فتنشر بالدرابزين وسطوح المدبغة تنعكس أشعة الشمس عليها فتجعل منها تحفا فنية بعد أيام طويلة كلها عمل شاق ومضن.
أيام تجعل طرف الجلد يخرج من رحم الأدران والأوساخ مطهرا بمواد أنتجتها الطبيعة وصقلت بأيد رجال غاصوا وسط الوحول والفرث ليجعلوا منتوجهم النهائي جلودا ولبودا فيها الزيواني والعنزي والمطلوق والعنان كما لألوانها تسميات كالنصف لون وما عرف بالوردي و السكري و البجعدي.
ومن الأنواع ما اختفى اليوم وما هو مازال قائما يحارب الزمن يحاول التأقلم مع مواد كيماوية جديدة حلت ما حل ما كان يعرف قديما.
"أصليون ووافدون:"
كما جاء سابقا، فإن عائلات من أقحاح المدينة امتهنت حرفة الدباغة وكان أبناؤها من المعلمين ذوي الباع الطويل فيها وصاروا بقمة هرم مجتمع الدباغين المصغر.
هذا الهرم الذي يضم:
- المتعلمين: عادة يكونون من الأطفال ممن تجاوزوا العاشرة ولهم بنية جسمانية تسمح لهم بحمل الجلود ونقلها من حفرة لأخرى وغسلها مع غسل وتنظيف المجاير قبل الانتقال لبعض الأعمال من قبيل صبغ الجلود وقد تطول مدة التعلم لتصل إلى خمس سنوات أحيانا.
-الصنايعية: وكان عددهم حوالي الثلاثمئة وخمسين ثلاثينيات القرن الماضي مياومون و دائمون، معظمهم إن لم نقل أغلبهم من الغرباء والوافدين على المدينة من مراكش وأبي الجعد ودمنات أو من الجنوب وهم يفضلون السكنى بفاس الجديد ويقيمون به في أكثر الأحيان.
هم أصحاب الحرفة والمطلعون على أسرارها، يلين لهم الجلد وتكلمهم الإهاب بمجرد أن يلمسوها بأيد أقساها الفرك والحك فصارت خشنة صلبة تعرف طريقها بكل مسالك الدباغة الوعرة.
-المعلمون: وهم أقحاح فاس المعلمين الذين ورثوا "تامعلميت" أبا عن جد ومعظم هؤلاء تربط بينهم علاقات نسب ومصاهرة، فيهم من هم أمناء بدور الدباغة وأرباب خزائن خاصة بهم لا يحتاجون لمعلم الشكارة، وفيهم "الشوار"، ومن الكلمة جاءت شوارة، أي أنهم يقيمون عقدا مع صاحب مال مقابل سلعة محددة يتفقون عليها وعلى أرباحها مسبقا.
وبهذا الهرم هناك أقوام آخرون منهم "اللباطين" والدلالين و حمالي الجير وغيرهم ممن لهم اتصال مباشر بالمدابغ وأهلها.
"أ مولاي التهامي، مول السوق الحامي غلي الزيواني:"
عُرف على الدباغين تدينهم وإجلالهم لمولاي إدريس ولي المدينة ولسيدي يعقوب الدباغ وليهم، فأصحاب الطائفة كانوا يقدمون ثورين لمولاي إدريس كل سنة وهم من يغسلون الضريح ومجزرته بعد ذبيحتهم بدلاء يأتون بها من دار الدباغ.
وجمعهم حب الصالحين ممن أحاطوا بدور دباغتهم كشوارة التي تضم مزارات عديدة لأقطاب صوفيين، مثل ضريح سيدي احمد بن امحمد الصقلي والفقيه سيدي محمد ميارة الفاسي الكائنين بشوارة.
وأغلب الدباغين ينتمون لطوائف التصوف "الشعبي" كحمادشة وعيساوة والدغوغيين، مثلهم مثل إخوانهم الجزارين والخبازين والحدادين... كما أنهم من المرديين لدليل الخيرات والحفاظين له.
"يا ودود، أنزل نقمتك بمن يفرض المكس على الجلود"
والدباغة من المهن التي أدارت اقتصاد فاس والمغرب، فدور الدباغة أغلبها ملك للحبوس يؤدي المعلمين ثمن كرائها وكذلك يدفعون المكوس والضرائب بالفنادق عند شراء الجلود وغير ذلك من المعاملات التي كانت تضم الهدية السلطانية أيضا.
ولما كان لهم من الأثر في الحياة الاقتصادية فمن المنطقي أن يكون لطائفة الدباغين قدم ثابتة بالمشهد السياسي أيضا.
ولعل أبرز ما يدل على ذلك ثورة الدباغين أيام مولاي الحسن وكذلك أحداث يناير 1944 وثورة الملك والشعب عام 1953 التي كان فيها الحرفيون هم الوقود والفتيل المشعل لحماس الشعب والأمة.
الدباغين هؤلاء الرجال المطوعون للجلود والمخرجون فنونا من وسط الأدران والأوساخ هم رجال صنعة وأهل حرفة لا يسعنا إلا الإشادة بها، فهنيئا لكل دباغ مازال على صنعته رغم تغير الأزمان وشح المشترين.
وكما هو حال الصناعات اليدوية والتقليدية، فإن الدباغة اليوم تقاوم وتحاول خلق مكان لها وسط هيمنة الأصباغ الكيماوية والجلود المصنعة الرخيص ثمنها والمنعدم فيها الذوق أو اللمسة الخاصة لما دبغته أيدي الدباغين وهم يصلون على النبي ويترنمون بما حفظته ذاكرتهم من أشعار الملحون وألحان الشعراء.
بقلم الباحث: إلياس أقراب
المصادر:
أحمد بن خالد الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، الجزء الأول.
علي الجزنائي: جنى زهرة الآس في بناء مدينة فاس.
عبد الكبير بن هاشم الكتاني :زهر الآس في بيوتات أهل فاس.
ابن أبي زرع: الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس.
LE TOURNEAU, Roger et PAYE, Lucien. - La corporation des tanneurs et l'industrie de la tannerie à Fès -, H, 1935, T. XXI, fascicule 1-11, pp. 167-240.